کد مطلب:239439 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:148

العباسیون فی حیاتهم الخاصة
أما حیاتهم الخاصة، و ما كان یمر بها من رذائل و قبائح، یندی لها جبین الانسان الحر الما و خجلا، و یقطر قلبه لها دما و ألما، فتلك حدث عنها و لا حرج .. و قد تقدم فی رسالة الخوارزمی بعض ما یشیر الی ذلك ..

و حیث أن الاستقصاء فی هذا الموضوع مما تنوء به العصبة أولوا القوة، فاننا لن نحاول التصدی لذلك، و لا سیما أن هذا الكتاب غیر معد لبحث هذا الموضوع فعلا.

و لعل الكلمة التی تجمع صفات بنی العباس الخلقیة هی الكلمة التی كتبها المأمون، و هو فی مرور فی رسالة منه للعباسیین، بنی أبیه فی بغداد، و التی قلنا اننا سوف نوردها فی أواخر هذا الكتاب مع الوثائق الهامة، ان شاء الله تعالی ..

و المأمون : هو من أهل ذلك البیت، الذین هم أدری من كل أحد بما فیه ؛ لأنهم عاشوا فی خضم الأحداث، و شاهدوا كل شی ء، و كل القضایا عن كثب .. یقول المأمون فی تلك الرسالة :

« .. و لیس منكم الا لاعب بنفسه، مأفون فی عقله، و تدبیره، اما مغن، أو ضارب دف، أو زامر .. و الله، لو أن بنی أمیة الذین قتلتموهم بالأمس نشروا ؛ فقیل لهم : لا تأنفوا من معائب تنالوهم بها، لما زادوا علی ما صیرتموه لكم شعارا و دثارا، و صناعة و أخلاقا . لیس منكم الا من اذا مسه الشر جزع، و اذا مسه الخیر منع . و لا



[ صفحه 128]



تأنفون، و لا ترجعون الا خشیة، و كیف یأنف من یبیت مركوبا، و یصبح باثمه معجبا، كأنه قد اكتسب حمدا، غایته بطنه و فرجه، لا یبالی أن ینال شهوته بقتل ألف نبی مرسل، أو ملك مقرب . أحب الناس الیه من زین له معصیة، أو أعانه فی فاحشة، تنظفه المخمورة الخ .. » .

فهذه القطعة تبین لنا بجلاء - كما یتبین من كثیر أمثالها - كیف كان خلفاء العباسیین متغمرین فی الملذات و الشهوات .. و تبین لنا نظرتهم للحیاة و أهدافهم منها .. و لولا أن المقام یطول لأوردنا سیلا من الشواهد و الدلائل علی مدی استهتارهم، و انتهاكهم للحرمات، و ارتكابهم للموبقات، لیعلم أن أقوال المأمون هذه، و كذلك أقوال الخوارزمی، و غیرهما مما تقدم غیر مبالغ فیها، و أن الحقیقة هی أعظم من ذلك بكثیر و أن ذلك لیس الا غیضا من فیض .. و كتب التاریخ و الأدب خیر شاهد علی ذلك، و ان حاولت بعض الأیدی الأثیمة تشویه الحقیقة، و التستر علی واقعهم ذاك المزری و المهین ..